نظرية ثنائية الجنس في الكتاب المقدس والعلم الحديث




نعلم جيدا ان عنوان او اسم النظرية غريب وغامض بالنسبة الى القراء وعن الناس عموما .. ولكن سيزول كل الغموض بمجرد ان نشرح ماهية النظرية ونعرض ادلتها من الكتاب المقدس والعلم الحديث ، انا متاكد ان القاريءالكريم سيستمتع بالنظرية ويحب متابعتها للنهاية لان الكلام العلمي المرتبط بالقضايا والمسائل الدينية له لذة خاصة وطعم فريد ويداعب وجدان واذهان المتلقي المثقف الواعي في كل مكان .

اولاً ابدأ بالقول ان هناك بعض الآراء التي لها ما يؤيدها من الحقائق العلمية المتوفرة الآن ، ومنها إن الإنسان ذكراً كان أو انثى ، يحمل في البداية اتجاهاً ثنائياً من الدافع الجنسي ، وقد راى فرويد مثل هذا الراي ، وشاركه في ذلك اخرون ، ممن افترضوا بأن الطفل عند الولادة هو ثنائي الجنسية من الناحية السلوكية ، غير إن الشكل النهائي لسلوكه الجنسي يعتمد على الظروف المحيطه به .
ويعتقد آخرون بما لا يخالف هذا الراي ويرون بأن الطفل يولد بجنسية ثنائية محايدة ، وبان اتجاهه بعد ذلك نحو طبيعة جنسية أو أخرى هو أمر يتقرر بمجموعة عديدة من العوامل التربوية والاجتماعية والمحيطية ، والتي من شإنها أما أن تؤكد وتعزز الإتجاه نحو الجنسية المطابقة لواقعة الجنس ذكراً أو انثى أو أن تضعف من هذا الاتجاه وتتجه بدلاً من ذلك نحو جنسية مخالفة لواقعه .
ولعل من الطريف أن نذكر هنا بأن الاعتقاد بثنائية الجنسية ليس بالشيء الجديد ، فقد ورد ما يشير إليه في الأساطير والمعتقدات القديمة في بلدان الشرق الأوسط والصين والاساطير الاغريقية ، ولعل أكثر هذه الأساطير أيضاحاً هي اسطورة ( هيرموفروديش) الاغريقية ، وتفيد الأسطورة بأنه كان شاباًَ جميلاً وابناً لكل من الآلهة هيرميس وإلهة الجمال افروديت ، وقد وقعت في حبه الحورية الجميلة سلاميس والتي طلبت منه الآلهة أن تتحد به ولا تفترق عنه أبدا ، فكان لها ما أرادت وجمعت الآلهة بينهما في جسم واحد ، فكان هيرموفرود الشاب الجميل نصفه ذكر ونصفه الآخر انثى .
وحتى افلاطون قد اشار في أحدى محاوراته ( السمبوزيون) بأنه في البداية وجدت ثلاثة اتجاهات جنسية : الذكرية والانثوية ثم الجنسية الثنائية التي تجمع بينهما ، وإن هذه الجنسية الأخيرة قد اختفت وخلفت الاسم فقط .
ما في العصر الحديث فقد اهتم العالم النفسي (يونغ) بتفسير اسطورة هيموفروديش ، ووجد فيها تعبير عن العقل البدائي وخيالاته ، وهو يرى في ذلك بأن للمراة جانباً رجولياً سماه بالانيموس وإن للرجل جانباً من الانوثة سماه بالاينما ، وقد ارتأى يونغ بأن في هذين الجانبين ( الاينما ، والانيموس ) ما يمثل أعظم القوى الفعالة في حياة كل من الذكر والانثى ، فالاينما في الرجل هي التي تدفعه نحو البحث عن شريكه في الحب ، وهي تتساوى مع الجانب الانثوي في نفسه ، بينما الانيموس أو جانب الذكر في المرأة فهي تتوق إلى أن تجد نفسها ( الذكرية) في الشخص الذي تحبه .
وهنالك راي آخر في هذا الموضوع مؤداه إن الفرد يحمل في نفسه طوال حياته اتجاهاً جنسياً ثنائياً وليس فقط اثناء طفولته وحداثته ، وكل ما يمكن أن يحدث له اثناء عمليات نموه ونضوجه الجنسي هو فقط التخلي الجزئي عن بعض مظاهر جنسيته الثنائية وبالقدر الذي يتوافق مع ضرورات ومتطلبات العرف والتقاليد الاجتماعية .
وبهذا فإن عدم ظهور اتجاه جنسي ثنائي لا يعني بأن الإتجاه غير موجود وانما يعني فقط بأنه خفي أو مكبوت ، وبأن له أن يظهر بشكل ما فيما إذا تهيأت الظروف الملائمة لظهوره ، ومن الجلي بأن هذه النظرية تفسر الكثير من الحالات الجنسية الثنائية والمثلية وغيرها من الإنحرافات في الممارسة الجنسية والسلوك الجنسي.
ومع إنه ليس لدينا حتى الآن أي برهان قاطع من الناحية البايلوجية على وجود ثنائية الجنس ، إلا إن عدم توفر ذلك لا ينفي إمكانية وجود هذا الأساس في الأدوار الأولى من تكوين الجنسين ، وبأن الإتجاه بعد ذلك يتقرر تبعاً لمؤثرات هرمونية مبرمجة في وظائفها ، وهناك بعض الإتجاهات العلمية التي تؤيد الجنسية الثنائية عن طريق آخر ، وتتجه نحو التأكيد بان الجنسية الفعلية للجنسين في البداية هي جنسية الانثى ، وان التحول الذي يحدث بعد ذلك يأتي بسبب فعل الهرمونات ، فإن كانت انثوية استمر الجنين في الاتجاه نحو الانثوية الجنسية ، وإذا كانت الهرمونات الذكرية تتحول إلى جنسية ذكرية .
ومهما كان الرأي النهائي في هذا الموضوع ، فإننا لا نستطيع اغفال دافع الاتجاهات الجنسية الثنائية في حياة الكثيرين من الناس وبدرجات متفاوته من المشاركة .
إذن لا بد من محاولة تفسير هذه الاتجاهات ويبدو إن افتراض الجنسية الثنائية بمضامين بايلوجية ونفسية واجتماعية فيه الكثير مما يعين على فهم الظواهر والممارسات الجنسية المختلفة والتي لا يمكن فهمها على أساس من الاستقطاب الكامل والقاطع للذكر والانثى .
و بالتأكيد هنالك مؤيدات من الكتاب المقدس سنشرع ببيانها الآن ، اولا ورد في سفر التكوين : ( فأوقع الرب الأله سباتا على آدم فنام . فأخذ واحدة من اضلاعه وملأ مكانها لحما ، وبنى الرب الأله الضلع التي اخذها من آدم امرأة واحضرها الى آدم ، فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي هذه تدعى امرأة لانها من امرء اخذت ..) التكوين 2 : 21 – 24 ، من هذا النص يتبين لنا ان الانسان يحمل في نفسه صفات الذكورة والانوثة في نفس الوقت لان البشرية تكاثرت من خلال نسل وتزاوج ابوينا آدم وحواء ، وبما ان حواء هي بالأصل خلقت من ضلع آدم كما ينص الكتاب اذن يتضح لنا بما لا يقبل الشك ان الفرد الانساني يحمل في طبيعته الصفة الذكورية والأنثوية في نفس الوقت ولكن تبرز صفة الذكورة في فرد فيصبح اقرب الى الصفات الرجولية وهي صفات القوة صفات الذكر ، اما اذا برزت الصفات الانثوية فيكون الفرد ضعيف كما هي صفات الأنثى .. وهنالك ملاحظة ان الجانب الأيسر يمثل الجانب الانثوي بينما الأيمن يمثل الذكري ... والدليل من الكتاب ايضا حيث ورد على لسان يسوع المسيح له المجد ما نصه : ( وأقول لكم من الآن تبصرون ابن الانسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء ) متى 26 : 64 .. وهذه اشارة واضحة ان اليمين تشير الى القوة وهي الصفة الذكورية الغالبة دائما .. والذكر اقوى في الغالب من الانثى .. كانت هناك نظرية تقول بأن الدماغ البشري مقسم إلى قسمين (ايمن وايسر) ، فالايمن مسؤول عن الجهة اليمنى للجسم والأيسر مسؤول عن الجهة اليسرى للجسم ، ولكن بعد فترة من الزمن تطور العلم فاكتشف العكس حيث ان الجهة اليمنى للدماغ تحرك الجانب الأيسر للجسم والجهة اليسرى من الدماغ تحرك الجانب الايمن للجسم ،وهنا نؤكد صحة هذا الاكتشاف بعدة أمور :-
• حول كيفية معرفة جنس الجنين ، إذا كان الثدي الأيمن منتفخ فيكون الحمل ذكر ، أما إذا كان الثدي الأيسر منتفخ فيكون الحمل انثى ، ومن جانب آخر إن خصية الرجل إذا كانت البيضة اليمنى منها منتفخة فيكون الإنجاب ذكور أما إذا كانت اليسرى منتفخة فيكون الإنجاب إناث ، إن الكثير من المهارات التي تحتاج إلى الوجدان والاحاسيس الشاعرية تجد معظم اصحابها ممن يستخدمون اليد اليسرى كالخطاطين والرسامين واصحاب الحرف الفنية والمهارات اليدوية ذات الطابع الفني . وإن القلوب هي مصدر العاطفة وهي في جهة اليسار والمراة تمثل اليسار وهذا ترابط وثيق بالتدليل على عاطفة المراة وشاعريتها ، واليمين هي تمثل القوة والشدة وبذلك فهي تدلل على الرجال.
وقد اثبت العلم الحديث إن الاذن اليسرى أكثر ميول لسماع الموسيقى والغناء من الأذن اليمنى وكل ما يتصل بالوجدان والاحساس العاطفي هو للجهة اليسرى .
ويصف الكتاب المقدس ان الجانب الأيسر يمثل جهة اعداء المسيح وعلى العكس الجانب الأيمن انه جهة اصحاب المسيح انظر ما ورد في انجيل متى حول هذه المسألة : ( ومتى جاء ابن الانسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده ويجتمع امامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الخراف من الجداء ، فيقيم الخراف عن يمينه والجداء عن اليسار ، ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم لاني جعت فاطعمتموني عطشت فسقيتموني . كنت غريبا فآويتموني عريانا فكسوتموني ، مريضا فزرتموني محبوسا فاتيتم لي . فيجيبه الابرار حينئذ قائلين . يا رب متى رأيناك جائعا فأطعمناك او عطشانا فسقيناك ؟..ومتى رأيناك مريضا او محبوسا فأتينا اليك ؟..فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما انكم فعلتموه بأحد اخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم ، ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الأبدية المعدة لابليس وملائكته ، لأني جعت فلم تطعموني . عطشت فلم تسقوني ، كنت غريبا فلم تاووني عريانا فلم تكسوني مريضا ومحبوسا فلم تزوروني ، حينئذ يجيبونه هم ايضا قائلين يا رب متى رأيناك جائعا او عطشانا او غريبا او عريانا او مريضا او محبوسا ولم نخدمك ؟...فيجيبهم قائلا الحق اقول لكم بما انكم لم تفعلوه باحد هؤلاء الأصاغر فبي لم تفعلوا فيمضي هؤلاء الى عذاب ابدي والابرار الى حياة ابدية ..) متى 25 : 31 – 46 .
لاحظنا ذم الجانب الأيسر حيث انه جهة الشياطين واعداء الرب وحيث انها تمثل جهة حواء الام التي وسوست لآدم الاكل من الشجرة كما شهد بذلك الكتاب : ( فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي اعطتني من الشجرة فأكلت . فقال الرب الأله للمرأة ما هذا الذي فعلت ؟ فقالت المرأة الحية غرتني فأكلت ، فقال الرب الأله للحية لأنك فعلت هذا ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية ، على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل ايام حياتك ، واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك ونسلها ، هو يسحق رأسك وانت تسحقين عقبه ، وقال للمرأة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك ، بالوجع تلدين اولادا ، والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك ، وقال لآدم لأنك سمعت لقول امرأتك واكلت من الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الأرض بسببك ، بالتعب تاكل منها كل ايام حياتك ، وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل ، بعرق وجهك تاكل خبزا حتى تعود الى الأرض ) التكوين 3 : 12 – 19 .
يتبين لنا من هذا النص ان حواء كانت هي بوابة الحية والشيطان في اول غواية للأنسان وكما اثبتنا ان الجانب الأيسر يمثل الجانب الأنثوي نستنتج انه الجانب الاقرب الى الشيطان وانه بعض الأفعال الرديئة التي يقوم بها الأنسان تاتي من قبل هذه الجهة من جسمه من ناحية النظر الى المحرمات واستماع المحذورات كالغناء والنميمة وغيرها  

أولاً :- اثبات صحة نظرية (ثنائية الجنس) عند الإنسان ونستدل كذلك على جميع اعضاء الجسم ومكوناته فيكون الأيسر اضعف من الأيمن بما فيها السمع والبصر وغيرهما وسوف يكتشف العلم هذه النظرية عاجلاً ام اجلاً.
ثانياً :- إن مسألة الخنثى هي (توازن) بين الشقين الأيمن والأيسر أي بين الذكري والانثوي وليس لأحدهما صفة غالبة على الآخر.
ثالثاً :- إن حالة الخشونة والرجولة عند النساء نتيجة طغيان جانب على آخر ، فالخنوثة طغيان الأيسر على الأيمن عند الرجال والرجولة عند النساء هي طغيان الأيمن على الأيسر، وسبب الشذوذ الجنسي يتمثل بهذه الفقرة حيث قلة الذكورة عند الرجال التي تمثل الجانب الأيمن وقلة الأنوثة عند النساء والتي تمثل الجانب الأيسر فيحدث الشذوذ في السلوك والتصرف والطبيعة الجسمانية وإن العين اليسرى شأنها شأن بقية أجزاء الجسم اليسرى في الضعف فإنها تميل إلى النظر إلى الفساد أكثر من غيرها .

 " من فكر السيد المسيح العائد"

0 التعليقات: